محفل إدمبورغ
تُعتبر الفترة الزمنية بين عامي 1598 و1717، مرحلة حدَث خلالها فعلُ الإنتقال والتحول للماسونية المسماة “بالعملية” الى مؤسسة خاصة، إنبثقت في القرن الثامن عشر تحت اسم الماسونية الحديثة
إن مصدر واصل الماسونية يبقيان غامضين وغير ثابتين. عندما نأتي على ذكر التاريخ في مروره من الماسونية العملية الى المــاسونية النظرية، يلزم علينا توضيح بعض النقاط الاساسية التي تمّ تأكيدها في الابحاث الحاضرة حول هذا الموضوع
في القرون الوسطى، وفي عصر ورش البناء الكبيرة، قد نشأ جنباً الى جنب نوعان من التنظيم وذلك في الموضع نفسه: من جهة الرابطات المهنية، النقابـات أو الاخويــات التي أخذت طابعاً مثقفاً ومعـداً في التنظيم المهني، حيث القَصديّة كانت إقتصادية (أي الرواتب، تنظيم المهنة، المســاعدة التعاضدية، الإمتيازات التقنية، الآداب، الســلوك الاجتمــــاعي) أكثر منها نظرية. ومن جهة أخــرى، محافل الورش، وهي مكان يجتمع فيه عمّـــال البناء (بناؤون، نحاتون، نجاروا العمارات…) هذه المحافل كانت تُستعمل لـعدّة أمـور مــــنها: الإجــــــتماعات المـختلفة، توضيب العدّة، التدريب، مرقد نومٍ
لقد اتسم الماسون بميزة ألا وهي التنقل الدائم، فعند الانتهاء من ورشة، كانو يبحثون عن عملٍ في مكان آخر. بيد أن بعضهم كان يبقى في مكانه لصيانة التشييد، ويندمج مع أخويات محلية بانتقاله من حالة التنقل الى حالة الاقامة. بذلك، فانهم قد حافظوا على نوع من إشتراك مهنيّ مقل المحفل وبُنيةِ الإستقبال لأصحاب المهن أو لعابري السببيل
ففي اوروبا، حوالي القرن الســــادس عشر، لم نجد أي أثر لأي شكل من هذه المحافل الماسونية، ما عدا في بلاد الايكوس، لكن دون أي تأكيد خطّي في كيفية تنظيمها. بالاضافة الى ذلك، لا توجد أية أدلة في أستمرارية المحافل النصف الدائمة هذه، وذلك منذ نهاية مرحلة القرون الوسطى الى فترة النهضة، مع محافل الماسون التي ظهرت في بداية القرن السابع عشر في الإيكوس
من الخطأ أن نؤكد بأن الماسونية الحديثة قد ولِدت في إنكلترا. بخلاف ذلك، فنحن امام حدث إنشاء،حيث أن الهدف الظاهر هو تجميع مهن البناء في بلدة أو منطقة، وذلك ضمن مؤسسة مستقلة لرابطات مهنية محلية، وبالوقت عينه مُجهزة بمراسم خاصة بها.
في الواقع، حوالي عام 1599 – 1600 أعيدت بنية إرث ماسون القرون الوسطى لكي تُقام أُسس مؤسسة جديدة. فقد جمع الإكوسي وليم شاو، حجارة قديمة مبعثرة ليشيد للماسون منزلاً جديداً
ومهما كانت التطورات اللاحقة قد غيّرت بشكل ملموس هذا التقدم، فعلى أيّ حالٍ، إن ما ولِد في الإكوس في فجر القرن السابع عشر، يحتوي على الاصل لما ستصبحه لاحقاً الماسونية الحديثة
قصة اسطورية لمهنة البناء ولتقاليدها المدوّنة في “الواجبات القديمة” حولي نهاية القرن الرابع عشر، تتضمن موثوقات قديمة مختلفة وتقليداً شفهياً موروثاً من الاسلاف – مخطوطتي كوك و ريجيوس
تطابق منّ البناء من علوم الرياضيات وعلم الهندسة
فكرة إنشاء مدرسة تدريب مهني وخلقي – معهدٌ قد أسسه أُقليدس في مصر
طقوس لمراسم القبول في المهنة مع إشارات تعارف وقسمٍ للسرّ
الطابع الدولي للمؤسسة، بما ان الماسون كانوا يسافرون من بلد الى آخر فكان بإمكانهم اعتناق جنسيات مختلفة
مكان القاء يُسمّى محفلا، حيث يجتمع العمال وينظمون حياتهم الخاصة المهنية. إنها روح تعاضد ومساعدة متبادلة للمهنة
وأخيراً، كان ماسون القرون الوسطى خاضعين دائماً لشفاعة قديس ما، أو لسلطات محلية دينية أو مدنية. وكان أصبحاب المقامات هؤلاء بالوقت عينه، مسؤولين عن محافل الورش. لهذا فإن خضعوا أو لم يخضعوا للإختبارات المسارية في اسرار المهنة، فهناك دائماً أعضاء غير عمليين مقبولين في المحافل على الاقل، متعهد البناء والمموّل
في عامي 1598 و 1599، أعدّ وليم شاو مراسيم قد حفظها التاريخ تحت أسم: “مراسيم شاو”. والمقصود أساساً، أنها قوانين تطبيقية قد وُضعت بواسطة أساتذة الاخوية المجتمعين في إدمبورغ حيث أن التقيّد بها محدد ومنصوص لكل ماسوني. وتنص هذه المراسيم أيضاً على اختبار مساري في غاية البساطة، اضافة الى إبرام قسَم وتبادل كلمة الماسوني. إنه للمرة الاولى، تظهر فيها درجتا المبتدىء والشغّال
وأصبحت تلك الدرجتان مرجعاً ثابتاً حتى بداية القرن الثامن عشر، أن درجة شغّال قد قسمت ما بين الشفّال، الذي هو في طور التدريب، والشغال البالغ المسمّى بالاستاذ بعدما قد تبوّأ منصب أستاذ المحفل
في الاشهر التي تلت إصدار المراسم، فقد ظهر نوعان من المحافل الماسونية، لا سيما محفل إدمبورغ الذي لا يزال يعمل حتى يومنا الحاضر. وقد حافظ على مخطوطاته، إذ نجد في هذه الاخيرة أثر تأسيس المحفل، من خلال منشور بلدي يعود الى عام 1475